05‏/09‏/2009

وانتصـــــــــــــف ....!

.. ما أسرع ما تمضي الأيــــــــام
۝شَهْرُ رَمَضَان۝
ضيفٌ كريمٌ استقبلنـــــاه بالأمس
وهاهو اليوم قد انتصف



فهل فينا من قهر نفسه وانتصف ؟
وهل فينا من قام فيه بما عرف ؟
وتشوقت نفسه لنيل الشرف ؟

"

لقد مضى من رمضان صدره،
وانقضى منه شطره،
واكتمل منه بدره،
فاغتمنوا فرصة تمرُّ مرَّ السحاب، وادخلوا قبل أن يُغلق الباب ..
فإنه يوشك الضيف أن يرتحل، وشهر الصوم أن ينتقل،
فأحسنوا فيما بقي،
يُغفَر لكم ما مضى ..

"

رحل نصف رمضان ،
وبين صفوفنا الصائم العابد،
الباذل المنفق الجواد،
نقي السريرة، طيب المعشر ،
فهنيييييييييييئاً لهؤلاء العاملين ما ادخروه عند رب العالمين

"

رحل نصف رمضان ،
وبين صفوفنا صائم عن الطعام والشراب،
يبيت ليله يتسلى على أعراض المسلمين،
وتقامر عينه شهوة محرمة يرصدها في ليل رمضان ..


"

أيها المفرطون في شهر رمضان القائم،
هل أنتم على يقين من العيش إلى رمضان قادم؟!

فقوموا بحق شهركم، واتقوا الله في سرِّكم وجهركم،
واعلموا أن عليكم ملكين يصحبانكم طول دهركم،
ويكتبان كل أعمالكم،
فلا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم ...

"

إننا مسؤولون عن هذه الأوقات من أعمارنا، في أي مصلحة قضيناها؟
أفي طاعة الله وذكره، وتلاوة كتابه وتعلم دينه..
أم قضيناها في المقاهي وأمام القنوات !!
أو في اللهو واللعب الذي لا يعود علينا بكبير
فائدة !!
بل هو من أسباب البعد عن الله تعالى ...


"

فلنستدرك باقي الشهر، فإنه أشرف أوقات الدهر،
هذه أيام يحافظ عليها وتصان،
هي كالتاج على رأس الزمان،
ولنعلم أننا مسؤولون عما نضيعه من أوقات وأحيان .


في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عند أحمد وصححه الألباني :
((إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة يعني في رمضان وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة )) ..


فاجتهدوا ما استطعتم في إعتاق رقابكم، وفكاك أبدانكم،
وشراء أنفسكم من الله جل جلاله ..


فـــإن رمضان فرصة حقيقية للاستثمار الرابح مع الله ،
واللبيب يدرك بصدق
أن الفرص تلوح
وقد لا تعود


"
فاستثمروا ما بقي من حياتكم ..
وتزودوا لمعادكم قبل مماتكم

قصة رمضان..!!

قصة رمضان..!!
قال الحسن البصري –يرحمه الله- : ((إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون.. ثم بكى رحمه الله)).
ما من شك أن النفس في رمضان تختلف عمّا هي عليه في غير رمضان، فرمضان نفحة ربانية من نفحات الله، وفرصة ذهبية إن لم نغتنمها في تطهير النفس وإصلاح القلب فمتى يكون هذا إذن؟! فالنفس في رمضان تكون منكسرة بقلة الطعام والشراب، والشياطين مصفدة ومكبلة.
ولكن.. أين من ينتظر ويشتاق لرمضان لكي يتربى ويترقى؟ أين من يبغي بصدق التغيير الحقيقي في النفس، ويبحث عن أطباء القلوب ليصفوا له العلاج؟ وأين من يدخل بنية بل نيات في رمضان؟ فرمضان عند كثير من المسلمين ليس سوى طقوس ومظاهر وظواهر رمضانية! يأتي رمضان فتعلق الزينات على الجدران، ويأتي موعد الإفطار والمائدة عليها الأصناف الرمضانية مما لذ وطاب، حتى أن البعض أصبح يشتاق لا لنفحات رمضان وإنما لمأكولات رمضان!! يصومون طول النهار وهم على موعد مع الإفطار الشهي، ولكن.. كم هم الذين يشعرون في جوعهم وعطشهم بالفقراء الذين يصومون ولكنهم لا يدرون إن كانوا سيفطرون أم لا؟ كم هم الذين يستشعرون نعم الله عليهم فيرقون لحال إخوانهم المساكين فيسارعون إلى إطعامهم ومواساتهم ﴿ويُطْعِمونَ الطَّعامَ على حُبِّهِ مِسْكيناً ويَتيماً وأسيراً﴾[الإنسان:8].
لقد أصبح رمضان وللأسف عند كثير من المسلمين كالزي الذي يلبس ويخلع، يأتي رمضان فيلبسونه، وإذا انقضى أو شارف على الانقضاء خلعوه وعادوا إلى غفلتهم، بل إن البعض يخلعه مع أذان الإفطار!! وكأنهم يعبدون رمضان أو الصيام لا رب رمضان!!.
وبعد أن ينتهي الشهر الفضيل يسأل بعضهم بعضاً: كم مرة ختمت القرآن في رمضان؟.. وهم ما عاشوا مع القرآن، وما تورعوا عن الغيبة في رمضان! لأنهم ما ذاقوا طعم الصيام، ولا عرفوا أسرار القيام.. قضوا الشهر في الطعام والشراب وفضول الخلطة مع الناس، فكيف سيطهر القلب ويستنير وما أخذ حظه من الخلوة والأنس بالله؟ وما أخلص في أن يتغير حاله بعد رمضان؟.
ويدّعون أنهم يصلون الأرحام، وكأن الرحم ليس لها حق إلا في رمضان، أما بعد رمضان فلا صلة ولا أرحام.. فوا عجباً لهذا الحال!!.
جاء رمضان.. فعلقوا الزينات.. وأعدوا الحلويات والمشروبات.. واكتظت المساجد في القيام، وقبل أن ينتهي رمضان.. وبعد ليلة السابع والعشرين بالذات، خفت الأقدام، ثم رفعوا الزينات، وكأن شيئاً لم يكن!!.. والقلب هو القلب، والنفس هي النفس.. ثم يقول بعضهم لبعض: كل عام وأنتم بخير!!.. وهكذا انتهت قصة رمضان!!.
فهل من سائل: هل تراني فزت وقبل عملي، وعتقت من النار؟.. أم تراه الطرد والخذلان والعياذ بالله؟..
((فيا أيها المقبول هنيئاً لك بثوابه، وبشراك إن أمنك ربك من عقابه، طوبى لك حيث استخلصك لبابه، وفخراً لك حيث شغلك بكتابه، فاجتهد في بقية شهرك هذا قبل ذهابه، فرُبّ مؤمل لقاء مثله ما قدر له ولا اتفق.
ويا أيها المطرود في شهر السعادة، خيبة لك إذا سبقك السادة، ونجا المجتهدون وأنت أسير الوسادة، وانسلخ عنك هذا الشهر وما انسلخت عن قبيح العادة، فأين تلهفك على الفوات وأين الحرق؟!)).